کد مطلب:240862 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:221

فوائد التمثیل
و هی كثیرة و المناسب ذكر الیسیر منها و نكتفی هنا بنقل كلام لأبی السعود العمادی و الجرجانی؛ لأنه اشتمل علی نبذة من فوائد التمثیل جدیرة بالنقل.

قال ابوالسعود:



[ صفحه 12]



إن التمثیل لیس إلا إبراز المعنی المقصود فی معرض الأمر المشهود، و تحلیة المعقول بحلیة المحسوس، و تصویر أوابد المعانی بهیئة المأنوس، لاستمالة الوهم و استنزاله عن معارضته للعقل، و استعصائه علیه فی إدراك الحقائق الخفیة، و فهم الدقائق الأبیة كی یتابعه فیما یقتضیه و یشایعه إلی مالا یرتضیه؛ و لذلك شاعت الأمثال فی الكتب الإلهیة، و الكلمات النبویة، وذاعت فی عبارات البلغاء، و إشارات الحكماء؛

إن التمثیل ألطف ذریعة إلی تسخیر الوهم للعقل... و أقوی وسیلة إلی تفهیم الجاهل الغبی، و قمع سورة الجامح الأبی، كیف لا و هورفع الحجاب عن وجوه المعقولات الخفیة، و إبراز لها فی معرض المحسوسات الجلیلة، و إبداء للمنكر فی صورة المعروف، و إظهار الوحشی فی هیئة المألوف. [1] .

قال الجرجانی:

اعلم أن مما اتفق العقلاء علیه أن التمثیل إذا جاء فی أعقاب المعانی، أو برزت هی باختصار فی معرضه، و نقلت عن صورها الأصلیة إلی صورته كساها أبهة و [أ] كسبها منقبة، و رفع من أقدارها، و شب من نارها، وضاعف قواها فی تحریك النفوس لها، و دعا القلوب إلیها، و استثار من أقاصی الأفئدة صبابة و كلفا، و قسر الطباع علی أن تعطیها محبة و شغفا.

فإن كان ذما كان مسه أوجع، و میسمه ألذع، و وقعه أشد، وحده أحد.

و إن كان حجاجا كان برهانه أنور، و سلطانه أقهر، و بیانه أبهر.

و إن كان افتخارا كان شأوه أبعد، و شرفه أجد، [2] و لسانه ألد.

و إن كان اعتذارا كان إلی القبول أقرب، و للقلوب أخلب، و للسخائم أسل، و لغرب الغضب أفل، و فی عقد العقود أنفث، و حسن الرجوع أبعث.

و ان كان وعظا كان أشفی للصدر، و أدعی للفكر، و أبلغ فی التنبیه و الزجر، و أجدر



[ صفحه 13]



أن یجلی الغیایة، [3] و یبصر الغایة، و یبری ء العلیل، و یشفی الغلیل... [4] .

هذا قلیل من كثیر، و لا یسع المقام ذكر أكثر منه.


[1] هامش تفسير الفخر الرازي 153 ،107/1، الطبعة الأولي بالمطبعة الخيرية بمصر، 1307، في ثمانية مجلدات.

[2] من الجد: الحظ، يقال هو أجد منك أي أحظ، أو الجد: العظمة أي شرفه أعظم / اللسان 108 - 107/3.

[3] بيائين مثناتين: كل ما أظلك من فوق رأسك. هامش أسرار البلاغة 95.

[4] أسرار البلاغة 96 - 92.